الانتخابات الرئاسية في مصر – الجزء الأخير

للمرة الأخيرة, هذا التقييم هو رأي شخصي مبني علي قراءة لبرامج المرشحين ومتابعتهم علي الكثير من البرامج الحوارية التي تناولت البرامج الانتخابية.

في الواقع لم أستقر علي مرشح نهائي ومازلت حائراً بين المرشحين الأربعة الأعلى تقييماً ولكنني مقتنع بأن كل منهم يحمل شيئاً جيداً لهذه البلاد ولن أحزن كثيراً إذا فاز أي منهم بالانتخابات الرئاسية. ستظل الحقيقة الثابته أن كل منهم بشر يخطئ ويصيب وكل منهم لديه نقاط ضعف ونقاط قوة لا تقلل من قيمته. أحب أيضاً أن أذكر الاستاذ حمدين صباحي كشخص مؤهل ويملك من المؤهلات ما يقترب من الأربعة الأعلى تقييما ولكنني استبعدته من اختياراتي الشخصية لاختلافي معه في بعض النقاط الأساسية في برنامجه الانتخابي بالإضافة لاتجاهه اليساري عامة. وتبقى المشكلة الرئيسية التي ستواجهه المرشح الفائز في التعامل مع منافسيه بعد النجاح وكيفية التوصل للغة مشتركة للحوار والتفاهم لتحقيق مصلحة عامة للجميع وليس لفئة على حساب الأخرى.

في النهاية لا يسعني إلا أن أقول .. اللهم ولّ علينا خيارنا

الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح (71 نقطة)
يمتلك قدرات وصفات قيادية طبيعية ويحظي بتأييد مجموعات في معظم فئات الشعب المصري. هو أكثر المرشحين ظهوراً في وسائل الإعلام منذ إعلانه نية الترشح في 2011. يقدم الدكتور أبو الفتوح نفسه بشكل القائد العربي المدافع عن المصالح المصرية والعربية في جميع الأوقات. يمتلك علاقات طيبة مع بعض القيادات في الدول العربية بحكم عمله في مؤسسات الإغاثة لفترات طويله. البرنامج الذي يقدمه الدكتور أبو الفتوح هو جيد جداً في ظاهره وأهدافه ولكنه يفتقر في غالبه للواقعية وخاصة فيما يتعلق بمصادر التمويل. يعاب بشدة على الدكتور أبو الفتوح انتقاده الدائم لجميع منافسية بلا استثناء وتضارب الكثير من تصريحاته مع بعضها البعض في فترات زمنية قصيرة جداً. بعض الناس يرى تركه لجماعة الإخوان شئ ايجابي ولكنني اختلف في هذه النقطة خاصه مع تصريحاته الغريبة المنتقدة للجماعة رغم كونه واحداً من قياداتها لما يزيد عن عقدين من الزمن.

الفريق أحمد شفيق (74 نقطة)
يمتلك قدرات إدارية أفضل من جميع المرشحين. الأفكار التي يقدمها في برنامجه متطورة نسبياً وتحمل نسبة من الاختلاف والعملية في ذات الوقت. بصورة عامة, يقدم الفريق شفيق نفسه بصورة عملية جداً وبدون محاولات لاستجداء التعاطف كما يفعل الكثير من المرشحين. يتميز الفريق شفيق بالعملية الشديدة بعيداً عن الشعارات السياسية أو الدينية ويؤمن في غالب المواقف بلامركزية الحكم والدولة القائمة على المؤسسات ويرى أن دور رئيس الدولة هو اختيار الأشخاص المناسبة في المواقع التابعة له مباشرة فقط واعطاء المسئولية لكل شخص في موقعه. برنامجه الانتخابي يحمل أفكار جيدة تعتمد على آليات مختلفة وتنمية شاملة في كافة النواحي في نفس الوقت ولكنه يعتمد على وجود أشخاص كثيرة تتمتع بنوع معين من الفكر الغير تقليدي وهو ما أعتبره غير واقعي في هذه المرحلة كما أنه أيضاً يعاني من افتقاد مصادر التمويل المنطقية. مشكلته الأساسية هي كسب ثقة المواطن في حالة الفوز بسبب اعتبار البعض أنه جزء من النظام السابق.

الدكتور محمد مرسي (78 نقطة)
مرشح حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين هو أحد أكثر الشخصيات وسطياً في المرشحين. التاريخ العملي والمهني وحتى السياسي للدكتور محمد يتحدث عنه بصورة جيدة جداً. معظم الانتقادات الموجهه له هي في الواقع موجهه للحزب والجماعة, لذا فتبعيته لهما تمثل نقطة ضعف وقوة في نفس الوقت. قبول الترشح احتياطياً للمهندس خيرت الشاطر أجدها أنا نقطة قوة وصدق من الرجل وليست نقطة استهزاء كما يراها البعض, فهي توضح رغبته الواضحة في خدمة الوطن بغض النظر عن المسميات والمناصب التي يزحف إليها البعض ويبيعون مبادئهم من أجلها. بصفة عامة, برنامج النهضة الذي يقدمه الدكتور مرسي هو أفضل البرامج الانتخابية وأكثرها واقعية وقابلية للتنفيذ.

السيد عمرو موسى (78 نقطة)
يمتلك علاقات خارجية قوية جداً بالعديد من الدول الأجنبية والعربية بحكم عمله كوزيراً للخارجية وأميناً عاماً لجامعة الدول العربية. يقدم السيد عمرو موسى نفسه كنموذج رجل الدولة المخضرم والخبير ويمتلك أكبر قدر من الخبرة الميدانية والعملية في إدارة شئون الدولة. برنامجه الانتخابي جيد جداً ويعتبر ثاني أفضل البرامج المقدمة بعد برنامج مشروع النهضة من حيث الواقعية وقابلية التنفيذ لكنه يقل عنه من حيث برامج التمويل. هو أول من وضع خطة للمائة يوم الأولى من الحكم وتبعه بعد ذلك الكثير من المرشحين. عامل السن هو من أكثر نقاط الضعف في السيد عمرو موسى. من النقاط الإيجابية أيضاً أنه تحدث عن ترشيح نفسه لفترة رئاسية واحدة فقط وهو ما يمكن أن يعتبره البعض أشبه برئيساً مؤقتا يقود برنامجاً انتقالياً طويل الأمد. رغم اعتبار البعض له جزء من النظام السابق إلا أنه سيجد صعوبات أقل من الفريق شفيق في كسب ثقة الناس في حالة الفوز.

المستشار هشام البسطويسي (62 نقطة)
إنسان نزيه ومحترم بكل ما تحمله الكلمة من معاني ويجب أن نفتخر أن مصر مازال بها أمثال المستشار هشام. يمتلك فكراً متوازنا وقدرة جيدة جداً على التعبير عن ما يريده. برنامجه لم يكتمل كتابة ولكن الأفكار العامة للبرنامج تميل قليلاً للتيار اليساري الاشتراكي الذي يؤمن بأن الدولة والقطاع العام هو المحرك الأساسي للاقتصاد مع تقنين دور القطاع الخاص بما لا يخل بالفكر الاقتصادي للدولة. يؤمن باحترام القانون وينعكس هذا في كل الحوارات والمواقف التي تطرق إليها. يمتاز بهدوءه الشديد ولكن هذا الهدوء يعتبر نقطة ضعف في المعركة الانتخابية الشرسه وخاصة من ضعف الموارد المالية لحملة التي لا تتعدي المائة ألف جنيه على حد قوله.

الاستاذ خالد علي (51 نقطة)
أصغر المرشحين سناً وأكثرهم حماساً وتهوراً في غالب الأمر. ينتمي كثيراً إلى التيار اليساري وهو ما تراه في معظم مواقفه السياسية والاجتماعية. معظم الأفكار في برنامجه تنصهر في بوتقة تعظيم دور الدولة في الحفاظ على التوازن الاقتصادي وتوزيع الثروات على الشعب. حديثه يتسم باستخدام الشعارات الرنانة في غالب الوقت. يتمسك الاستاذ خالد بمعتقداته بشدة تصل به لحد الايمان وهو شئ جيداً طالما لا يزيد عن حده ولكنه للأسف يدخل أحياناً في نطاق “رأيي صواب لا يحتمل الخطأ”. يتحدث في كل الأمور رغم وضوح عدم إلمامه بالكثير من الأشياء بحكم سنه وتاريخه وخلفيته العلمية والسياسية. الحد من مجانية التعليم الجامعي هي من أكثر المآخذ على برنامجه التعليمي.

الاستاذ حمدين صباحي (65 نقطة)
يمزج الاستاذ حمدين صباحي بين فكر التيار اليساري المؤمن بأهمية دور الدولة والقطاع العام وبين التيار الليبرالي المؤمن بأهمية القطاع الخاص مع الميل للفكر اليساري في الكثير من الأمور العقائدية الهامة. يمتلك الأستاذ حمدين قدرة متميزة في الحديث والتواصل مع من حوله تعود في الأصل إلى قدرته على الاستماع الجيد وسرعة بديهته. يمتلك أيضاُ قدرات قيادية جيدة وتأييد مجموعات في معظم فئات الشعب المصري. على الرغم من الجودة النسبية لبرنامجه الانتخابي إلا أنه أيضاً يفتقر للواقعية وقابلية التنفيذ بسبب استخدامه لفرضيات كثيرة في تمويل البرنامج وتنفيذه. بصفة عامة هو شخصية بسيطة تريد خدمة بلادها ولكن يظهر افتقاره للقدرات الادارية واضحا في تاريخه المهني والعملي. يظهر حبه وتأثره الشديد بجمال عبد الناصر وما كان يقدمه من فكرة الوحدة العربية الشاملة. تميل تصريحاته لكسب الشعبية وهو ما يفقدها التناغم في كثير من المواقف.

الاستاذ حسام خير الله (63 نقطة)
لم أكن اتوقع الكثير عندما استمعت للاستاذ حسام ولكنني تفاجأت بما يحمله من أفكار وقدرة على قراءة المواقف والتعبير عما يريد. يبدو أن العمل في جهاز المخابرات العامة وبالتحديد قسم المعلومات قد منحه القدرة على قراءة ما بين السطور وما وراء الكلمات. ينتمي الأستاذ حسام لتيار الوسط الذي يميل لتعظيم دور القطاع الخاص مع وضع آليات رقابية من الدولة. يبدوا صريحاً أميناً واثقاً من نفسه بشكل كبير من خلال تصريحاته. لا يميل للتصريحات الشعبية ولكن كلامه في العادة وسطي لا يغضب أي فصيل. يدير حملة لا تركز على الظهور الإعلامي المستمر ولكن يعتمد على الوصول لطبقات معينة من الشعب المصري تشعر بظلم نتيجة تجاهلها في الفترات السابقة.

الدكتور محمد سليم العوا (65 نقطة)
يملك الدكتور العوا وسطية فكرية في الكثير من الآراء والأفكار. يمتاز بالهدوء وتحكيم العقل وتجنب الدخول في مهاترات كلامية وإعلامية وهو ما وقع فيه العديد من المرشحين مؤخراً. البرنامج الانتخابي جيد ولكنه تقليدي في غالبه ولا يوجد به أفكار غير مألوفة وكالمعتاد يفتقد لمصادر التمويل الأساسية. يقدم الدكتور العوا نفسه بالشخص الداعم للقانون والمؤمن بأن العدل هو أساس التقدم والتطور في كافة نواحي الحياة. يعد رأيه في العلاقات المصرية الايرانيه عامة والاختلاف السني والشيعي خاصة من أكبر النقاط التي ينتقدها البعض. بصفة عامة يقف الدكتور العوا على مسافة واحدة من مختلف القوي والتيارات في مصر ولا يمكن احتسابه علي أي منها بصفة مطلقة.

تقييم مرشحي الرئاسة المصرية - الجزء الأخير

الانتخابات الرئاسية في مصر

تعتبر الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة خطوة تاريخية في تاريخ  مصر الممتد لأكثر من سبعة آلاف عام. العملية الانتخابية تواجه الكثير من المصاعب وبها الكثير من الأخطاء بداية من قواعد ومعايير الترشح وانتهاء بالعدد الكبير المتقدم والذي لا أعتقد امكانية حدوثه في أي مكان بالعالم

أعتقد أن الخطر الأساسي في العملية الانتخابية هي القواعد والمعايير التي يُختار على أساسها المرشحين. المشكلة تكمن في أن غالبية الناس تختار بناء علي أسس شخصية أو دينية أو عقائدية أو حزبية أو حتي مالية في بعض الحالات. في رأيي الشخصي, أن اختيار الرئيس القادم هو أمانة ثقيلة يحملها كل منا ويجب أن يكون الاختيار مبني على أسس منطقية وبعد مراجعة لجميع الشخصيات المتقدمة للترشح بغض النظر عن الاختلاف الايدلوجي مع الشخص المتقدم. وللأسف معظم الأصدقاء أو الناس الذين تحدثت معهم لا يعرفون غير مرشح واحد أو اثنين بناء على كثرة الدعاية أو بنصيحة من شخص آخر. بل ويصل الأمر أنهم لا يعرفون غير المعلومات الأساسية عن من اختاروا بدون معرفة لتفاصيل البرنامج الانتخابي أو التوجه السياسي لهذا المرشح. ومن أغرب المظاهر الموجودة في الدعاية الانتخابية, أن الكثير من المرشحين يظهرون كثيراً في الإعلام بدون الحديث عن برامجهم أو سياستهم ولكنهم ينشغلون في الهجوم علي باقي المرشحين لإظهارهم بشكل سيئ وكأن المعيار من وجهة نظرهم هو القدرة على النقد أو اختيار “أفضل الوحشين” وفي هذا إهانه لعقولنا جميعاً

في محاولة شخصية للتغلب على هذه المشكلة, حاولت قراءة البرامج الانتخابية والمعلومات المتاحة عن المرشحين المختلفين وتقييم كل مرشح بناء على 10 نقاط بعضها معتمدة على تقييم للشخص وامكاناته وتاريخه العملي والجزء الآخر والأكبر معتمد على البرنامج الانتخابي بملفاته الأساسية بالإضافة إلى مصادر التمويل المقترحة ومنطقيتها. والجدول التالي فيه تقييم للمجموعة الأولى من المرشحين وهم أبرز المرشحين بصفة عامة أو سأحاول استكمال دراسة باقي المرشحين في وقت قريب

تقييم مرشحي الانتخابات الرئاسية في مصر

في النهاية, هذا التقييم هو رأي شخصي مبني على قراءة لبرامج المرشحين وسيرتهم الذاتيه بدون الدخول في تفاصيل دينية أو سياسية وهدفه الوحيد هو مصلحة هذا الوطن الذي يحتاج للأفضل بدون أي أهواء شخصية